بسم الله الرحمن الرحيم
بينما كان يهم الشاب أحمد الحشاش وأفراد الوفد الكويتي بمغادرة معرض جنيف الدولي للاختراعات مبكرا «تجنبا للازدحام المروري المتوقع حاملا ميداليته الذهبية»، إذ بهيئة التحكيم الدولية تعلن فوزه بجائزة الأوسكار الأولى عن أفضل اختراع في العالم. «لم استوعب ما سمعت إلا برؤية دموع أفراد الوفد الكويتي المبهور».. هكذا يروي الحشاش حكايته المثيرة بعينين تفيضان بالسعادة الغامرة ويضيف بتواضع: «بصراحة.. لم أغالب دموعي من شدة الفرح عندما أحاطت بنا الجاليات العربية والأجنبية للتهنئة، لا يمكنني وصف شعور فوز أول دولة عربية بجائزة أفضل اختراع منذ تأسيس هذا المعرض الأشهر في العالم قبل ثلاثة وثلاثين عاما، وأكون أنا الشخص المعني».
ويمضي الحشاش قائلا: «لم أتوقع أن أصبح يوما أول عربي ينال جائزة أفضل اختراع عالمي». اختراعه الفريد هو سترة هوائية واقية يلبسها قائدو الدراجات النارية تنتفخ فور انزلاق الدراجة المسرعة. واسترسل يقول: «أجرينا دراسات علمية متعمقة فوجدنا صدر الإنسان هو ثاني أكثر عضو عرضة لإصابات حوادث الدراجات النارية يسبقه الرأس المحمي أصلا بالخوذة الواقية» ومن هنا جاءت فكرة السترة الواقيةAirBag .
ويبدو أن بوادر نجاح هذا الاختراع العربي الخارج من رحم النادي العلمي الكويتي
قد لاحت مبكرا للمشاركين الكويتيين قبل إعلان هيئة الحكام نتائجها النهائية، إذ يقول الحشاش: على رغم مشاركة أكثر من 789 اختراع و1000 مخترع من 43 دولة في المعرض فإن «أعدادا كبيرة تجمهرت مبكرا حول جناح الكويت المشارك لرؤية التجربة العملية لاختراعه التي شارك فيها أحد الحضور، حيث طلب الحشاش منه أن يقلب الدراجة النارية (الصناعية) ليري المشاهدين كيف ستنتفخ سترة نجاته أو ما اشتهرت باسم الـ Airbag.
ويتابع قصته بشغف عن لحظات التفاؤل الأولى: «كنت أراقب بفرحة غامرة تزايد أعداد الزوار» إذ رأى سيارة النقل الخارجي للتلفزيون السويسري تقف على مقربة من جناح الكويت.. «رأيناهم يمدون أسلاك النقل الخارجي باتجاهنا... وبعد دقائق بدأت الكاميرا بنقل التجربة على الهواء مباشرة، لا يمكنني وصف شعوري تلك اللحظة، وفي اليوم التالي رأينا صورنا تتصدر الصفحات الأولى لأبرز الصحف العالمية فضلا عن القنوات الفضائية المشاركة». وواصل حديثه لـ «القبس» بصوت متهدج نم عن تداخل مشاعر سروره بدموع الفرحة قائلا: «والله... حتى سائق سيارة الأجرة ونادل المطعم عرفانا فور دخولنا إليهما فقالا: أنت صاحب أفضل اختراع؟».
ولم تكتف لجنة التحكيم العالمية بإعطاء الحشاش (31 عاما) جائزة الأوسكار والميدالية الذهبية، بل منحته مرتبة الشرف وهي تعني حصوله على «تهنئة خاصة» من اللجنة. وتؤكد تجربة الحشاش، خريج معهد الاتصالات والملاحة في
الكويت، أن المبدعين لا يقاسون بشهاداتهم العليا بل بصبرهم وجلدهم وتفانيهم في تحقيق أهدافهم. فهذا الشاب المبدع الذي وجد أبواب جامعة الكويت موصدة أمامه بحجة «عدم حصوله على معدل كاف» يؤهله للدراسة الجامعية، قد فتحت له أبواب أشهر الجامعات العالمية وأعرقها بفضل اختراعه العالمي الفريد. ولم يخف رغبته في متابعة دراساته العليا لنيل شهادة الدكتوراه تحقيقا لحلمه المنتظر وهو «تعليم الأجيال القادمة».
صادق القاسم مبدع كويتي آخر نال ميدالية ذهبية عن اختراع فريد يقيس قوة فرامل السيارة، أي أن رؤية هذا الاختراع العربي للنور ستمكن قائدي المركبات من معرفة قوة توقف المركبة التي تسير أمامهم من خلال شريطها الضوئي الخلفي ومن ثم تفادي توقفها المفاجئ، حيث ترتفع قوة إضاءة الشريط مع قوة الضغط على الفرامل. وتعمد القاسم أن يجعل اختراعه ملائما لجميع أنواع السيارات حتى يثبت للعالم (إذا طبق اختراعه) أن «العرب قادرون على منافسة اختراعات الغرب حتى في معقل اختراعاتهم» على حد تعبيره. ويقول إن شركات عالمية عديدة «أعجبت بالاختراع قبل إعلان النتائج النهائية» وأظهرت رغبة جدية في تبني هذا الاختراع المقدم من شاب كويتي لم يتجاوز عمره 20عاما.
أما المبدع عبد الله اليتيم، (20 عاما)، فقد حصل على ميدالية فضية لاختراعه «المفاعل الكهروكيميائي» الذي يحول مياه المجاري إلى مياه صالحة للشرب، وفي الوقت نفسه يحول قوتها إلى طاقة كهربائية نافعة. وأشار إلى أن ميزانية النادي العلمي الكويتي «المفتوحة» فضلا عن «تشجيع القائمين عليه» كان له أبلغ الأثر في الإنجاز الذي حققته الكويت. كما أشار إلى أن «كل إنسان لديه موهبة لابد أن يبحث عنها بنفسه» وتساهم البيئة الصحية الملائمة «أحيانا» في تطوير تلك المواهب، غير أن العبء الأكبر يقع على عاتق الفرد نفسه، فلن يستطيع الناس ـ ولو
اجتمعوا ـ على تغيير أحد ما لم يغير هو من نفسه... ولنا في مبدعي العالم خير مثال.
منقول