عيــن على القدس
في الطريق إلى القدس .. ضع بوصلة القلب لتستقيم كما استقام الأنبياء إليها أول مرة .. لا زيغ ولا حيدان .. نعم هي القدس .. بحر من الصفاء كما الأفق الأزرق الممتد إليها .. بسماء تحتضن القباب والمآذن والمساجد .. تحتضن كل شيء يعيدنا إلى الماضي العريق .. إلى عزة التاريخ .. حيث رنا وجه أشرف الخلق إليها ذات صلاة .. إلى مسراه عليه السلام ..
لكن المشهد يصطدم بجنود وأسلحة مدججة تلف مساجدنا وأهلنا المحاصرين بين شقي الرحى .. أسلحة تلف مسجدنا الأقصى ويقبع أسيراً وحيدًا ينتظر من يفك قيده .. إنه قيد في يد القدس والأقصى .. قيد الاحتلال الغاشم الذي طالما نادينا بأعلى صوتنا قلوب المسلمين والعالم أن يلقوا نظره على الانتهاكات المستمرة بحقه طيلة ستين عاماً وأكثر ... ولو نظرة !
نصرخ فهل من مجيب !!؟
وهل يمكن لصوتنا وصوت الآلاف من أبناء الشعوب العربية والإسلامية أن يصل إلى العالم المتغافل تجاه ما يجرى لأهلنا في القدس والضفة وغزة وكل فلسطين ؟! .. وكل ما يحدث لمسرى نبينا من حفريات وتعديات واستفزازات ؟! .. ولآلاف الأسرى من تعذيب ونسيان خلف القضبان؟؟!!
إرهابيون وعنصريون .. متطرفون جاءوا من كل أنحاء العالم .. ليس لهم وجود على أرض فلسطين
من المهم جدًا وخاصة في هذا الوقت أن نعرف أن أول دولة عرفها التاريخ في فلسطين هي دولة الفينيقيين الذين جعلوا من البحر المتوسط بحيرة فينيقية، وقبل ظهور اليهود بعدة قرون كانت دولة الكنعانيين وذلك بشهادة التوراة نفسها، وكانت للفراعنة سيطرة عليها في غزواتهم المتتالية، وكذلك كان لكل من البابليين والآشوريين والفرس والرومان واليونان دولة فيها، وخلال هذه الحقب التاريخية لم يكن هناك وجود بمعنى الدولة والحضارة لليهود، وبعدها كانت فلسطين جزءًا من الدولة الإسلامية لا تُباع ولا تُشترى على مدى القرون من عمر الزمان .. منذ العهد الراشد، إلى الأمويين، إلى العباسيين، إلى الفاطميين، إلى الأيوبيين، إلى العثمانيين
ولمّا كان كل شيء مفترى في نهج بني صهيون فإننا نؤكد بأعلى صوتنا أن فلسطين إسلامية
فهي أرض الأنبياء الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم على أنهم مسلمون، والإسلام كان منهجَ كلِّ النبيين " ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين " [آل عمران 67] ، " ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " [البقرة 130]
الغزاة يأتون ويذهبون .. بينما الأرض والانسان والحضارة هى من يبقى
إن حقَّنا مسطورٌ في كل ذرة تراب مزجت وخلطت بدماء جند صلاح الدين، ويمتد خط الدفاع عن فلسطين ليرتبط بزفرات الإخلاص من 25 ألف شهيد وجريح من المسلمين العثمانيين المسلمين الذين استشهدوا وجرحوا في معركة واحدة من معارك فلسطين دفاعًا عن مدينة واحدة من مدن فلسطين .. إنها المعركة التي دارت رحاها حول مدينة القدس الطاهرة، قادها المجاهدون المسلمون الذين دافعوا - ومازالوا يدافعون - عن وطنهم حتى آخر زفرة نفس داخل صدورهم الصادقة .
" الكيان الصهيوني " معمل لإنتاج القتل
المسجد الأقصى يُنتهك ونحن نائمون في سبات عميق ننتظر الإيفاء بالمعاهدات والمواثيق ممن لا عهود لهم ننتظر وتموت الأطفال والشيوخ وتُغتصب النساء ويُغتال الرجال، ونحن ننظر من بعيد لا يهمنا إلا قوت يومنا .. برغم يقيننا أن إسلامنا يعظّم المسجد الأقصى وربما نساهم من حيث لا ندري في تضييعه.
لن نموت ولكننا سنقتلع السرطان من أرضنا
لقد حان الوقت .. حان الوقت لأن نستيقظ حتى وإن كان الوقت متأخرًا، ولنقرأ الصورة جيدًا
* إنهم يقومون بإخلاء المنازل التي تحيط بالمسجد الأقصى بالقوة، ويطردون أصحابها منها، ولا يجدّدون لتراخيص العرب المنتهية، بل ويقومون بهدم العديد من البيوت بنفس الحجج والذرائع.
* يقومون بسحب الهويات من المقدسيين وهم سكان مدينة القدس؛ من أجل تضييع حقوقهم المشروعة.
* بل ويفرضون الضرائب التصاعدية على المقدسيين؛ حتى يشعروا بالعجز والضيق المالي عن السداد؛ فيتركوا المدينة، ويهاجروا منها.
* يقومون بإقامة الحفريات المستمرة والأنفاق تحت المسجد الأقصى وحوله، ويتوسعون في ذلك بشكل مسعور.
* يقومون بالتوسع في بناء المغتصبات الضخمة التي تستوعب عشرات الآلاف من المحتلين الجدد.
إنها القدس .. إنها زهرة المدائن .. فأين مناصروها وأهلوها !!؟؟
ومن المظاهر التي لا يمكن أن يحتملها غيور - مع وجود الدياثة السياسية تجاه قضيتنا - حلقات التطبيع التي تحاول جهدها مسخ شخصية الفلسطيني، يتوازى معها موقف الحكومات العربية المتردد والضعيف الذي لم يتخذ موقفًا حاسما وقرارًا شجاعا ولو بسحب مبادرة السلام العربية كحد أدنى لردع العدو الصهيوني عن مخططه الإجرامي، بل جاء الموقف أقلّ بكثير من كل التوقعات والتكهنات، وهو الأمر الذي يفرض علينا أن نقف منتبهين مع هذه الإشارات الحمراء
- ضياع القدس يعني ضياع كل عواصمنا لأنها أصبحت مهدده بوجودها.
- ضياع القدس يعني ضعف الأمة.
- القدس ليست مجرد مدينة، إنها مستقبل الأمة ووجودها، وبضياعها لا مستقبل ولا وجود للأمة.
- عودة القدس يعني عودة الحياة بكرامتها وعزتها، فلا حياة لهذه الأمة إلا بقدسها.
إن الأمة العظيمة تعرف جيداً كيف تقاتل وكيف تصمد وكيف تدافع عن شرفها وكيف ترسم خطاها
وهنا نقول:
هل يمكن لصرخات الشعوب العربية والإسلامية عموماً والفلسطينية خصوصا أن توصل رسالة إلى العالم أجمع مفادها أن أقصانا يُنتهك وأن حقنا في الدفاع المشروع عنه لا زال قائمًا ؟
أم أن ما نشهده من تهويد للأرض وتهجير للمقادسة سيعتبر المسمار الأخير في نعش القضية المقدسيّة ؟!اللهم انصر المجاهدين في فلسطين]